السيد رئيس المؤتمر،

السيد الأمين العام للإتحاد الدولي للاتصالات،

أصحاب المعالي السيدات والسادة الوزراء،

أصحاب السعادة السيدات والسادة السفراء،

الحضور الكرام،

يشرفني ويسرني، بادئ ذي بدء، أن أؤدي واجب التحية إلى جمعكم الموقر، التي حمّلني إياها فخامة رئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، السيد عبد العزيز بوتفليقة.

كما أغتنم هذه الفرصة للإعراب عن أسمى آيات التقدير لشعب دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطاتها على كرم الضيافة والتنظيم المحكم لهذه الدورة العشرين لمؤتمر المندوبين المفوضين للاتحاد الدولي للاتصالات.

إن البشرية تجتاز اليوم، بفضل الرقمنة، منعطفا مهما وحاسما في تاريخها، لما تشهده من تطورات وتحولات متسارعة، في مفاهيم العلاقات الإنسانية وفي بنيتها في حد ذاتها، بحكم تغيرات ثقافية واقتصادية واجتماعية لم يسبق لها مثيل، فاتحة بذلك آفاقا لبشرية جديدة، تتجلى معالمها عبر الابتكارات المتتالية. الا أنه رغم أننا لا نميز بعد ملامح هذه البشرية الجديدة التي ستنشأ مع الأجيال القادمة، يبقى من واجبنا أن نهيئ لها عالما متوفرا على مقومات العيش، وأن نحرص على تفادي إنهاك المعمورة التي ورثناها جيلا بعد  جيل ونتجنب استنفاذ مواردها، لنسلمها كما ورثناها أو أفضل.

السيدات الفضليات، السادة الأفاضل، 

ونحن في عصر هذه الثورة التكنولوجية المذهلة، تبذل الجزائر جهودًا معتبرة من أجل تنفيذ سياسات واستراتيجيات وطنية متناسقة لتطوير الاتصالات وتكنولوجيات الإعلام والاتصال وتسخيرها لخدمة التطــــــور البشري والنمو الاقتصادي والتنمية المستدامة.

زيادة عن التنمية المتسارعة التي تشهدها الجزائر، وتحسبا لرقمنة واسعة النطاق، فإنّ المسعى المعتمد ضمن برنامج فخامة رئيس الجمهورية يولي التحول الرقمي مكانةً جوهرية ضمن أهداف التنميــــــــــة، من أجل تمكيــــــــــن الجــــــــــزائر مــــــــــن مـــــــواكبة هــــــــــذا الانتقال العــــــالمي وتزويدها بالبنى التحتية الكفيلة بضمان نفاذ عادل وشامل.

وفي سبيل ذلك، عملنا على:

-       تعميم نشر شبكة محورية وطنية للألياف البصرية على امتداد 140 ألف كيلومتر، تغطي كل التراب الوطني بسرعة 2 تيرابايت /ثانية، مع ضمان التواتر التام؛    

-       زيادة عرض النطاق الترددي الدولي مع تنويع نقاط توصيل الكوابل البحرية ذات الألياف البصرية، لا سيما الوصلات البحرية (ORVAL،ALVAL  و MEDEX)  التي من شأنها أن تسمح بتحسين جودة الخدمة وضمان وفرتها وديمومتها على المستوى الوطني، وكذا الإسهام، على الصعيد الإقليمي، في توصيل شبكات الألياف البصرية التي باشر العديد من دول القارة الإفريقية بسطها لصالح الشعوب التي تعتبر اليوم من أقلها وصلا بالإنترنت في العالم؛ 

-       إطلاق القمر الصناعي للاتصالات ALCOMSAT-1 الذي سيشكل دعما معتبرا لوسائل تزويد خدمات الاتصالات لفائدة سكان المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة والمناطق المعزولة، أو ا البدو الرحل؛

-       إطلاق مشروع ضخم لنشر التوصيل السلكي اعتمادا على تكنولوجيا الألياف البصرية FTTX، في كافة مناطق البلاد، لصالح الأحياء السكنية و المتعاملين الاقتصاديين على حد سواء.

من جهة أخرى، وفي إطار تحسين الحوكمة، تعكف الجزائر على إقامة مركز بيانات ذي بعد دولي، سيتم توصيله بحلقة الوصلة المحورية للألياف البصرية ونقط توصيل الكوابل البحرية ومحطات الربط عبر الأقمار الصناعية، حيث ستخصص هذه المنشأة لاستضافة بيانات مؤسسات الدولة، المخصصة للخدمات العمومية، وكذلك لتقديم خدمة استضافة تجارية، للإسهام في دعم الاستعمال المكثف لتكنولوجيات الإعلام والاتصال في القطاع الاقتصادي.

كذلك، نحن بصدد نشر شبكتين مخصصتين، عبر محطات الربط بالأقمار الصناعية، لتمكين توصيل جميع مؤسسات التربية الوطنية من جهة، وجميع مؤسسات الصحة العمومية من جهة أخرى، وذلك بهدف تزويد هذين القطاعين بالوسائل الحديثة للتربية الإلكترونية والصحة الإلكترونية، على الصعيد الوطني، مستفيدين من وضع قمرنا الصناعي للاتصالات في المدار.

السيدات الفضليات، السادة الأفاضل،

إن الإطار القانوني يشكل لبنةً أساسية في بناء محيط موصول، لما يتيحه للمتعاملين، وللمستعملين على حد سواء، من جوّ الأمن والثقة اللازمين من أجل استعمال موثوق ومطمئن.

من هذا المنطلق، قمنا بتكييف الإطار التشريعي والتنظيمي تماشيا مع التطور التكنولوجي                      والتقني ومقتضيات تعزيز الديناميكية التنافسية.

وعليه، فعلاوة على التشريعات القاعدية المتعلقة بضبط سوق الاتصالات، بالتصديق الإلكتروني وبالتجارة الإلكترونية، تم اصدار أطر قانونية تتعلق بالجريمة الإلكترونية وبحماية الأشخاص أثناء معالجة البيانات ذات الطابع الشخصي، وكــــذا الخدمــة الشاملة وتمويلها.

السيدات الفضليات، السادة الأفاضل

إننا في الجزائر نؤمن بالمبادئ التي ترتكز عليها جهود الاتحاد الدولي للاتصالات في التزامه بتقليص الفجوة الرقمية وتوصيل الشعوب، لا سيما في البلدان الأقل استفادة اليوم، من التقدم التكنولوجي الذي تشهده البشرية.

لذا اسمحوا لي أن أغتنم هذه الفرصة لحث الدول على العمل داخل الاتحاد، من أجل تطوير مشاريع ملموسة ومباشرة ترمي إلى إيلاء الأولوية للتنمية البشرية، وتعميم مزايا التقدم التكنولوجي لتصل إلى جميع شعوب العالم، على حساب المزايا التجارية وحتى الابتكارات، إذا لم تكن هذه الأخيرة مدروسة كما يجب لتحترم البيئة، أو إذا كانت لا تحفز إرساء ديمقراطية النفاذ للجميع.

السيدات الفضليات، السادة الأفاضل

في الختام، أجدد تشكراتي لحكومة دولة الإمارات العربية المتحدة على تنظيمها هذا المؤتمر، آملة أن تكون التوصيات المنبثقة عنه في صالح البشرية وفي صالح كوكبنا الأرض الذي نتقاسمه.

شكرا لكم على كرم الإصغاء.